كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية أمام القمة السادسة لرؤساء الدول الأعضاء بمنتدى الدول المصدرة للغاز بالعاصمة القطرية الدوحة التي عقدت تحت شعار ” الغاز الطبيعى : رسم مستقبل الطاقة “والتي ألقاها نيابة عن سيادته المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية .
اسمحوا لي في البداية أن أنقل لسيادتكم تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية وتمنياته باستمرار نجاح عقد هذه القمة بصفة دورية وهو يؤكد على تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء بهدف تحقيق التوازن المطلوب في أسواق الغاز والعمل على تحقيق أقصى استفادة اقتصادية من موارد الغاز الطبيعي. كما يسعدني أن أتقدم بالشكر والتقدير لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر على استضافة هذا الحدث المهم.
شاء الله أن يهب لمصر معطيات مميزة وحضارة عريقة تمتد لآلاف السنين وكانت تلك الهبات مقترنة بالعديد من التحديات، حيث يشهد تاريخ مصر على سجل حافل من قصص النضال والنصر، فاستطاع الشعب المصري العظيم أن يجتاز دوما معركة البناء والتنمية من أجل بناء وطنه الحبيب. وكان ملف الإصلاح الاقتصادي على أولويات أجندة الحكومة، وقد تمكنت الدولة بمؤسساتها وخبرائها من وضع استراتيجية ورؤية متكاملة في هذا الشأن، وبدأت في تنفيذ برنامج للإصلاح وتحسين كفاءة مؤسسات الدولة يراعي الجوانب الاجتماعية ويحقق العدالة والتنمية المنشودة.
ولم يشغلنا الحاضر وتحدياته عن العمل في إطار رؤية بناء المستقبل وصياغته بما مهد الطريق من أجل حياة أفضل للأجيال القادمة، وكانت رؤية مصر 2030 هي الرؤية الوطنية التي تشمل كل مجالات العمل الوطني، وانطلقنا في تنفيذها بعزم وإصرار لياتي الجيل التالي الذي سيحمل مسئولية البلاد ويستكمل خطواتها ومراحلها ويرفع بناء مصرنا الجديدة.
وجاءت أزمة كورونا العالمية اختبارا قويا أثبت لنا أننا نمضي في الطريق الصحيح نتيجة الإصلاحات التي شهدتها مصر في مختلف المجالات مما قوض من تأثير تداعياتها السلبية، بل استطاعت مصر تحقيق نمو اقتصادي إيجابي خلال العام المالي2020/2019 بشكل لافت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، حيث سجل النمو الاقتصادي في مصر خلال الربع الأول من العام المالى 2022/2021 أعلى مستوى على امتداد العقدين الماضيين بنسبة 8ر9 %، مقارنة بمعدل نمو7ر0 % خلال الربع الأول من العام المالي 2021/2020 .
لم يكن من الممكن تحقيق خطط التنمية المنشودة في برنامجنا الاقتصادي دون الارتكاز على المحرك الرئيسي للتنمية، قطاع البترول باعتباره حجر الزاوية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمصر لما له من دور حيوي في الدفع بعجلة الإنتاج وإمداد المشروعات الاقتصادية والتنموية باحتياجاتها من الطاقة اللازمة لتشغيلها، لذا فقد أعطت الحكومة المصرية الأولوية في استراتيجية عملها لتهيئة المناخ الاستثماري الجاذب وتحويل التحديات إلى فرص استثمارية والالتزام بمستحقات الشركاء الأجانب بما ساهم في زيادة جاذبية صناعة البترول لتشجيع تكثيف أنشطة البحث والاستكشاف في مختلف مناطق مصر البترولية البرية والبحرية، وتم العمل وفق التوجهات الدولية بالاعتماد على الطاقة النظيفة، وكان الغاز الطبيعي الخيار الأمثل لمصر ، ففي السنوات السبع الماضية تمكنا من تسريع وتيرة إنجاز مشروعات تنمية وإنتاج الغاز الطبيعي وخاصة حقول الغاز الكبرى بالبحر المتوسط ووضعها على خريطة الإنتاج، بالإضافة إلى العمل وفق منهج علمي يستهدف تأمين إمدادات الطاقة المستدامة، تحقيق الاستدامة المالية وتحسين نظم إدارة القطاع، مما مكنا من تحقيق العديد من قصص النجاح خلال العامين الماضيين بالرغم من جائحة كورونا.
و تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وخاصة الهدف السابع الخاص بحق الحصول على الطاقة النظيفة، وفي إطار اهتمام مصر بالتحول للطاقة منخفضة الكربون ، استمر التوسع في معدلات توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، بالإضافة إلى التوسع في تحويل السيارات للعمل بالغاز وزيادة عدد محطات التموين بالغاز .
وفي إطار تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، يلعب الغاز المصري دوراً مهماً في تأمين جانب من احتياجات دول أوروبا من الطاقة، من خلال تصدير الغاز الفائض ، من خلال محطتي إسالة الغاز بمصر على ساحل البحر المتوسط.
استكمالا لدور مصر المحوري في المنطقة لتعزيز التعاون الإقليمي ومواصلة الارتقاء بالشراكات الاستراتيجية ، فقد شهدت الثلاث سنوات الماضية تطورا كبيرا في إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط بدءا بطرح مصر للفكرة وانتهاء بتأسيسه كمنظمة دولية في منطقة شرق المتوسط، ومقرها القاهرة ، والجدير بالذكر أن منتدى غاز شرق المتوسط قد لاقي منذ بدء الإعلان عن تأسيسه اهتمام العديد من الدول والجهات الدولية مثل الاتحاد الاوروبى والبنك الدولى ، الأمر الذي يعكس أهمية دور المنتدى على الساحة الإقليمية والدولية كأول منظمة إقليمية للتعاون في مجال الغاز الطبيعي بمنطقة شرق المتوسط.
ففي إطار استضافة القمة العالمية للمناخ المقبلة في شرم الشيخ في نوفمبر القادم، بادرت مصر خلال الدورة الخامسة من مؤتمر مصر الدولي للبترول والغاز “ایجبس” الذي تم عقده خلال الأسبوع الماضى بطرح مبادرة أفريقية مشتركة تراعي الأبعاد المختلفة للدول الأفريقية لإيجاد حلول متوازنة وواقعية لمواجهة ظاهرة تغير المناخ، وتحقيق التحول في مجال الطاقة دون المساس بحقوق الدول والشعوب في الاستفادة من ثرواتها الطبيعية، وذلك بحضور ودعم عدد من الوزراء الأفارقة.
وإنني أتطلع في إطار قمة اليوم إلى العمل سويا على مبادرة مشتركة تستهدف تحقيق أقصى استغلال للغاز الطبيعي ليصبح أكثر صداقة للبيئة لضمان تحقيق انتقال عادل للطاقة واستفادة جميع الدول من مصادرها الطبيعية، وكذلك تشكيل مجموعة عمل الإعداد للمبادرة وبحث التكنولوجيا والتمويل اللازمين لتحقيق ذلك من أجل استعراض المبادرة خلال قمة المناخ القادمة بمصر.
أصحاب المعالي
الحضور الكريم
إنني علي ثقة أن الغاز الطبيعي سيلعب دورا محورية في مشهد الطاقة المستقبلي، لما له من مساهمة فعالة على المديين القصير والمتوسط وتأثير إيجابي على المدى الطويل.
وفي الختام أود أن أؤكد أن دول منتدى الدول المصدرة للغاز لديها الإمكانات والموارد والقدرات التي تؤهلها للتغلب على التحديات الحالية، التي فرضتها جائحة “كورونا” والمضي قدما في مسيرة التكامل الاقتصادي، وإنني علي ثقة في مساهمة هذا المحفل في المزيد من التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات البترولية.
وأخيرا أتقدم بأسمي آيات الشكر والتقدير لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر على حفاوة الاستقبال، والذي ليس بمستغرب على الشعب القطري الشقيق.
وفقنا الله لما فيه الخير لشعوبنا